عنوان الشعر : غنيٌّ بلا مال
إني بما قضت الأقدار مقتنع
ولست عن حكم رب العرش أنقطع
إن كان خيرا فللرحمان حمدلتي
أو كان شرا فللجبّار أختضع
فلا أبالي بما يأتي به زمني
فأيّما هو إني بعدُ متّبع
ما فاتني ليس لي، إن لم يفتْ هو لي
علام أقلق فيما ليس لي يقع ؟
ولست أرصد من عين السما زُحلا
ولا ثريّا إذا ما الشمس ترتفع
قالوا: ألا اسألْ فتُعطَى السؤل. قلت لهم :
فبالإعانة منكم لست أنخدع
ولست أطمع فيما عندكم أبدا
فالله حسبيَ إني قانع ورِع
فالناس عادتهم إصغار سائلهم
مَن كان يسألهم - لا شك - يتّضع
إني غنيٌ بلا مال ولا حشم
لكنني عن ثراء الناس أمتنع
ما كان يعجبني مال ولا خول
فتطمعَ النفس فيه حيث تنخدع
إن القناعة كنز لا نفاد له
تمسي بها قيمة الإنسان ترتفع
ليس الغنى جمع أموال لوارثها
بل الغنى درهم يُشرَى به قنَع
وأخسر الناس من يزري به طلب
ولو بكفيه سيل المال يندفع
لست الذي يطلب الرغبات من أحد
ما لي غناء ولكن كان لي قنَع
إن القناعة باب قد مكثت به
حتى لو اشتدّ بي حرصي فلا أدَع
أحببت قومي ولكن ما استعنتُ بهم
ولا أبالي ، فعون الله متّسع
ولست أقرع أبواب الرفاق ولا !
من قبل أن أقضي الحاجات تندلع
عقبى القناعة تعظيم وفاضلة
يكون أولى بهذين امرءٌ ورِع
تُقضَى حوائجُه تُقفَى مناهجُه
ما دام عمّا لدى الإخوان ينتزع
يُطرَى بلا سبب، يُعطَى بلا طلب
وليس يحقُر من في وصفه ورَع
إن كان يورثني الإقتارُ نائبةً
فلا إلى ملِك أشكو وأختضع
بل اتّكالي إلى الرحمان دون مرى
إني بقسمته أرضى وأقتنع
لَيجعل الله لي في ضيقتي فرجاً
ما دمت فوق سرير الطوع أضطجع
حقاً ويمنح لي في موقف حرج
عونًا وينشئ لي حصنا ويخترع
فوّضت أمري إليه كي يدبره
إني بما قضت الأقدار مقتنع
أبوبكر أكوريدي
شاعر الروضة
تعليقات