هجرة الروح
========
هل هامتْ الروحُ ياقلبي بصحراها
أم هاجرَتْ ورسولُ الله ناداها
أم أن أشواقَها حلَّت عقائلَها
تهفو إلى نوره للشمس وضُحاها
لُطفاً رسولَ الله فالحَشَا لَهِفٌ
فيه من الشوقِ حرُّ النار ولظاها
فامنُن بنظرة عين أستظل بها
وبها تنال الروح عينَ رَيَّاها
(٢)
أنت الأمينُ الذي ولَّاكَ أمر الهُدى
ومِن صَفاكَ اصطفىٰ أصحابَك الهُجَّدا
كي يحمَدوه على أن جئتَ أنت لهم
لولاك ضاعوا وضاع العالمين سُدَى
فكنتَ في الملأ الأعلى على خُلُقٍ
وكنتَ بين الأنامِ السيدَ المحمَّدا
(٣)
مازادَ كلُ كريمٍ عنك في الكرمِ
ولا لشرَفِك كُفْؤٌ قط في الأممِ
سَوَّاك ربُّك نوراً ثم أرسلهُ
لتستضيءَ به الأفلاكُ من ظُلَمِ
وأعظَمُ الكَرَمِ الذي حظيتَ به
أن تَفتَدي أمةً بالنفس والغُنمِ
يقولُ ربُّك : سلْ تُعطَ ولا حرج
تقول : ياربِّ أُمَّتي على تَمَمِ
فأكرَمُ الخلقِ أنت دونما مَنَنِ
وأبأسُ الناسِ مَنْ عن نَداكَ عَمِي
(٤)
سيعرف الفضلَ من ضلَّ هُداك ولم
يحظَ برحمتِك التي تُرَجِّيهِ
ذلك يومَ شديدِ العرضِ في حَشرٍ
فيه القلوبُ غَوَتْ من هولِ ما فيهِ
وإذ بربك يرتضي الشفاعةَ لكْ
حبيبِهِ ، والذي عفا ليُرضيهِ
فيعرفُ الفضلَ كلُ العالَمين له
والمرسلون تُهنِّيهِ وتُطريهِ
وتحت عرشِ اللهِ شاكراً يجثو
والكلُّ جذلان وذاك يكفيه
(٥)
ياسرَّ سرِّ الوجودِ ، والورى عدَمُ
ياأصلَ نورِ الورى ، والأصلُ معتمَدُ
أنت الذي ساد في الأكوانِ من أزلٍ
من نورهِ انتشر الإنعامُ والمددُ
والكلُ حول المقامِ المُجتبَى خدَمٌ
فسيد المرسلين المصطفى الأحمدُ
ولَّاكَ ربُّك قبل المرسلين على
شرعٍ متينٍ نَشَاهُ الواحدُ الصمدُ
فكنتَ خيرَ الورى منذُ الوجودُ بدا
لولا الحجابُ لكانوا كلُّهم سجدوا
(٦)
الكونُ هامَ نشيداً في الذي عشِقَ
والمخلوقاتُ استهامتْ فيه فاتفَقا
الضبُّ شهِدَ له والجِذعُ حنَّ بكَى
والصخرُ ثم الحَصى في كفه نَطقا
شكا إليهِ البعيرُ والغزالُ كما
انشقَّ في فُلْكِهِ القمرُ وانفلقَ
أما سَوادٌ فكَي يحظَى بصُحبتِهِ
فانكبَّ يلثُمُ بطنَ النورِ معتنِقا
يانفحةَ اللهِ للدنيا ورحمتَهُ
فرِحَتْ بك الأرضُ ففجرُها انطلقَ
(٧)
ياربِّ واقبلْ صلاتي والدعاءَ بها
واجعلْها لي صفحةً من الضِّيَا والبَهَا
واجعلْها حِصني الذي أرجوه يحفظُني
في يومِ عَرضي عليك أستظِلُّ بها
أراها حامِلَتي في ساحةِ المَحشَرِ
حتى تُبلِّغَني لظِلِّكَ المُشتَهى
ياربِّ واجعلْها على الصراطِ نَجَا
تُنجيني من مَوْرِدِ النيرانِ أو حَرِّها
بها أنالُ المُنَى بصُحبةِ المُصطفى
في جنةٍ أرضُها رَيَّا بأنهارِها
ياربِّ وارْضَ بها عن حُبِّي للمصطفى
وشفاعةُ المصطفى أكونُ من أهلِها .
(مرسي يحيى)
تعليقات