قصيدة (سامحني يا وطني) شعر د. محمد الجاغوب..
سامِحْني يا وطني
أنفقتُ شبابي في الغربةِ أبحثُ عن نفسي!
ولمّا جئتُ لأبحثَ عنكَ
وجدتُكَ تغرقُ في الطوفانْ
طوفان الفوضَى والإعدامْ
وجَدتكَ نهْباً للغِربان وللأقزامْ
سامِحْني يا وطني
أنا وأنتَ غريقان في لُجَج البحرِ المتلاطِم بالأشرارْ
لبسَ الأشرارُ ثيابَ العِفة والطهرْ
لبسوها فوقَ ثيابِ الخِسّة والعُهرْ
ظهروا للناس البُسطاء كجُرعةِ سُمٍّ لُفّتْ بالحلوَى!
يا وطني! أنا وأنتَ على مَوعِدٍ مع اللهَبْ
أنا وأنتَ سنكونُ الوقودَ والحَطبْ
في مَعْمعةٍ يضيعُ فيها الحقْ!
يموتُ فيها الصِدقْ!
يؤلمُني يا وطني
أنْ أعثرَ في مَوقعِ خَطوي
ببيوض ٍ لأفاع ٍ لا تلبثُ أنْ تفقسَ
حتى تملأ وجهَ الأرض ثعابينْ!
قدَمي تعثرُ في أرض ٍ تملؤُها أوتادٌ وسكاكينْ!
وطني تلكَ فجاجُك صارتْ مَلأى أقزاماً عُرْجاً
كانوا بالأمس ذباباً واليوم شياطينْ!
وطني أبكي نفسي
أبكيكَ حبيبي
فأنا وأنتَ غريبان في عُقر دارِنا
بينَ جُدران مَسْكنِنا!
وطني أبحث في عُمق ِ ترابكَ
عَن ماضٍ عَبِقٍ بالذكرى
بالأمن ِ بالأحلام ِ الوردية !
أبحث فيكَ عن إشراقة أمَـل ٍ
تلْمعُ نورا يُنقذ نفسي
مِن أفكار سوداوية!
أبحث فيكَ عن زيتونةٍ روَاها عَـرَقُ أبي
عن زهرة بريةصَمدتْ بذرتُها في وجه الريح العاتي
عَن طفل يَحلـُمُ بالأمْن ِ والسلام
عَن أنثى تلدُ الخيرَ والوئام
عَن ليلة عِشق ٍ
أجلسُ فيها وحدي
أوقدُ قِنديلي
وأكتبُ أشعاري
في مَنأى عَن رصاص الغدّارين
وأصواتِ الشامتين
وقهْقهاتِ الفاسدين
وأنات المُغبونين
في منأى عمَّن يمتهنُ الكذبَ والنفاقْ
عَن زنادقة العَصْر
عَن سَماسرة الغَدر
عَن مَهانة الذلِّ والفقر
وَطني!
أحلمُ أني أمْلكُ فيكَ بساتينَ الأملِ الآتي
أمْلكُ فيكَ زمامَ خِطامي
ومَواقيتَ نشـْرِ أشرِعتي
وإلقاء مَرساتي
وطني أحْلمُ أني أزرعُ فيكَ طموحي
وأرقبُ يومَ حَصادِ النور
أزرعُ فيكَ رَيْحانةً يَهُبّ أريجُها
معَ نسْمَة حُبٍ غربيّة
تمرُّ بجوار قـُـلـّة ماءٍ
وضَعَتها أمّي في نافذتي
أيامَ طفولتي.
يا وطني
إني مَفجوعٌ بالواقعْ!
إني مَخدوعٌ بالشارعْ!
إني إني مَسْبيٌ ضائعْ...
.
تعليقات