لكل شاعر ليلى، واقع أو خيال، حقيقة أو رمز، وكل يبكي على ليلاه، وهذه قصيدتي رثائية بعنوان : ليلى
.
ما جالَ في خاطري يومٌ لمَــــرْثاكِ
ليلى، و لا الكونُ محْزونًا سينْعَاكِ
.
لمَّا تَرامَى صَدَى النَّاعي يُخبِّرُنِي:
ليلي غـــدتْ بين أمواتٍ وهُــلَّاكِ؟
.
غامت سمائي وفي الأحداق أدْمُعُها
محــبوسةٌ بيــن لا وَعْــــيٍ وإدراك
.
يا ويلَ قلبٍ مَشُوقٍ صابَهُ حَزَنٌ
قد كان صَفْوُ سَمائي حينَ ألقاكِ
.
تَجْرِي المَدامِعُ يا ليلى فأسترُها
وفي بحارٍ من الأحْزانِ ذِكْــــرَاكِ
.
والقلبُ يَسْكُبُ في الأجْفَان سائلَها
أ بالفــؤادِ البُكا؟ أمْ جَفنيَ البَاكي؟
.
أبكي هوًى في صِبانا لسْتُ مُلْهَمَتِي
أدري ألَــو مِتُّ قـــــبْلا كان أبْكاك؟
.
أُخفي البُكا عن عيونٍ فيكِ لائمَتي
والحَــلْقُ فيهِ كَتَنْغيصٍ بأشْــــواكِ
.
تـَبْكيكِ يا ليلُ آهـــــاتٌ تُمَزِّقُـــني
في مُضْمَرِ الحزنِ يا ليلايَ هَلَّاك
.
أبكي و نهر البُكا شِعري فأُنشِــدُه
وكيف لا وهْو بعضٌ من عَطاياك؟
.
في الشعرِ أنتِ التي أوْقدتِ لي فِكَري
وقْــفًا عليكِ ولم يُلــــبسْ بإشْـــراك
.
فما نظــمتُ قَريضًا عـــند فاتـنة
ولا عرفتُ الهوى يا ليلَ لــوْلاكِ
.
حمَّلته في الهوى شَكْوايَ أُودِعُها
فـــيَا لهُ مِن رفيقٍ هُـــمَّ للشاكي
.
قد كان شِعْري رسولا مَعْه آيَتُهُ
بأنَّنِي ما انفَكَكْتُ يا ليلَ أهواك
.
كمْ نِمْتُ ليلى و أحْلامي تُأمِّلني
والروحُ تسْري إذِ المَقصودُ مَسْراكِ
.
كم عُدتُ ليلي ومِنكِ السُّهد يقتلني
ما طافَ بي طائفٌ يومًا لأسْلاك
.
ليلى وكم كنتِ نَبْعًا غاثَ ظامئتي
وكنتِ حين الدُجَى شمْسًا بأفْلاكي
.
كم من فتاةٍ وسِحْرُ الحسنِ نازَعَني
لوَصْلِها إنْ أشأْ يا ليلَ سَلواك
.
وكم لها في الهوى دعوى تُسوِّغها
ما ساغ للقلب ليلى غيْرُ دَعْوَاكِ
.
كالطيرِ يَعْلُو سماءَ المَجدِ في ثِقةٍ
سَمَوْتِ ليلى ومَنْ بالشعرِ أعْلاكِ
.
إنِّي لأعــــشقُ أيَّامًا لنا نَثَــرَتْ
مِسْكَ الأماني نُضارًا في مُحيَّاكِ
.
إنِّي لبِِـثتُ حياةً لستُ أُجْحَدُها
والقلبُ يأويكِ يا ليلى ويرْعاك
.
مرَّتْ سُنونَ وطيفٌ مِنكِ يَشغلُني
والعَــينُ تَـصبُو ليومٍ فيه مَرآكِ
.
والعينُ تحْفظُ يا ليلى بمقلتها
لونَ الصفاءِ الذي بالودِّ أصْفاكِ
.
والنـفسُ تأملُ يومًا كان واعدها
عهدُ الوفاء الذي في القلب أبْقاك
.
اليومَ ماتَتْ بيَ الآمال واندثرتْ
لمَّا خَلَتْ مِنْكِ يا دنيايَ دُنْيَاكِ
.
وا حَرَّ عيْنايَ مِنْ حُزْنٍ يحرِّقها
حِينَ ارْتَقَتْ لِدَيَارٍ الخُلْدِ عَيْناكِ
.
إنَّا خَبَرْنا جراحَ البُعدِ من زمنٍ
وليْس كالموتِ قاسٍ ليلَ أقْصاكِ
.
حُرِمْتُ مِنْكِ وهـذا الموتُ يسبقني
فهلْ جديرٌ بيومِ البَعْثِ لُقْياكِ؟
.
يا رُبَّ طاهرةٍ والقبرُ مسكنُها
وهْو جِـنانُ العـُلا يا ليلُ مثواك
.
يا رُبَّ طاهرةٍ والموتُ أبْعَدَها
يَبقَى مع الدهرِ يُروَى ذِكرُها الزاكي
.
يا ربَّ مَــــرْثِيةٍ واسْــــمٍ أُرَدِّدُه
الوصْفُ ليلى و باسْم الوصف أنْعاك
.
حرصا أسمِّيك ليلى، فيك قافيتي
ما أنتِ ليلى وإنْ ذو الحِرصِ أسْماك
.
جلال محمد عبد اللطيف
تعليقات