أنا , والشَّعر
يا أيها الشِّعر , دعني في متاهاتي
لمن سأكتب بعد اليوم أبيـــاتي ؟
أرَقتَ عمــري بأحــــلامٍ أقايضها
ما تبتُ عنــكَ , ولا أعلنتُ توباتي
أعود نحوكَ مصلوباً على شغفي
لأسكب الشوق في دنيا حبيباتي
ولا ألاقي سوى الآهـات تنزفني
ما غير وجدٍ , وأحزانٍ لنايــــاتِ
كل اللواتي عشقتُ الأمس عُدْنَ إلى
مســــارح الفكر ظـــلّاً للحكاياتِ
لم ألقَ واحـــدةً في القلب راتعةً
كأنّ قلبيَ صحــــراءُ النهايـــــاتِ
سكبتُ شعري كأمطارٍ , بغير هــدىً
وهدّني عطشٌ في كل كاســـاتي
وما وجدتُ سوى وهــمٍ يراودني
ويطعن الروح مـــــرّاتٍ , ومرّاتِ
ورّطْتَني في خيــالاتي , وأتعبني
سيرٌ وراءكَ , أو خلف الســـراباتِ
كتبتُ للحبّ , حتى صرتُ سـيّده
وإذْ صحوتُ ,وجدتُ الحبّ مأساتي
فلا استطعتُ مقيلاً تحت سدْرته
ولا رضيتُ بأن أُلقي برايـــــــاتي
كتبتُ للناس , كل النـاس في وطني
فاغتالني البعض إذْ أعلنتُ آياتي
والآخــــــرون رأوا مسّاً بقـافيتي
لقدس أقداسهم في بعض لعناتي
ما نفع شِعرٍ بلا روحٍ ؟ يدغدغهم
إنْ لم يكنْ فيه إرهاصٌ لثــوراتِ
إنْ لم يزحزحْ مدى الأيام صخرتهم
ويغسل الفكر من أدران غفــواتِ
وحين جئتُ لهذي الأرض أوقظهــا
وأرسم الوطــــن المنشــود للآتي
قامت قيامتهم , والشِّعر أرّقهـــم
وحينها اعتقلوا لوني , وفرشـاتي
لم يتركوا ليْ فضاءً , كي أطير به
لكنما الصقر يبقى فوق قمّــــــاتِ
وشرّدوني , فلا الأقــلام ترحمني
ولا المحابر قد ترضى بإســـكاتي
ولم تزل خلف خطْو الرفض تزرعني
يا أيّها الشِّعر قلْ ليْ : أين منجاتي؟
خسرتُ في الحبّ,في خوفي على وطني
وما ربحتُ سوى جرحي , وأنّـاتي
واستعذب الحرف نزفي في القصيد , فما
سـرُّ التّعلّق في أقسى الخسـاراتِ ؟
أنــا , وأنتَ كروحٍ أدمنت جســـداً
ولو تغيب فإنّــــا شبهُ أمـــواتِ
تأبى الحروف انصياعاً,كيف ألجمها؟
ولن أتــوب بيـــومٍ عن صراعاتي
إمّا تعُــدْ فارسـاً في كلّ معركــةٍ
أو فارحلِ الآن , كي أُنهي معاناتي
عبد الكريم سيفو _ سوريا
تعليقات